هذا الأسبوع: انهيار الأسواق، هل نحن مقبلون على فترة أصعب؟

هذا الأسبوع: انهيار الأسواق، هل نحن مقبلون على فترة أصعب؟

22 مارس 2020 01:31 م

تستمر جائحة فيروس كورونا المستجد في إلحاق الدمار في الاقتصاد العالمي والأسواق المالية فيه، ويراقب المستثمرون في الأسواق انتشار الفيروس ويأملون في أن نرى المزيد من التحفيز للاقتصاد من البنوك المركزية والحكومات أيضاً حول العالم كلّه. من جهة أخرى، شهدت الأسهم حول العالم سقوطاً حرّاً خلال الفترة الماضية، وتعرّضت العملات المرتبطة في النمو والأصول لضغط شديد، وحتى أسعار الذهب والعديد من أصول الملاذ الآمن لم تستطع الارتفاع بشكل يتناسب مع المخاطر في الأسواق، لأن المتداولين فضّلوا الاحتفاظ في السيولة الدولارية على اتخاذ أصول من الممكن أن تتذبذب أسعارها بشدّة في ظل الظروف التي نعيشها حالياً.

في الظروف الحالية التي نعيشها في العالم، من المستبعد أن يعير المتداولون البيانات الاقتصادية الكثير من الأهمية، لكن البيانات الاقتصادية المنتظرة هذا الأسبوع ربما تكون مهمة جداً للاقتصاديين، إذ أنها تعتبر مؤشرّاً مهماً لهم لتقدير مدى الضرر الذي شهده الاقتصاد العالمي في ظل تفشّي فيروس كورونا.

ومن البيانات الاقتصادية المنتظرة بيانات مؤشرات مدراء المشتريات من عدّة دول في منطقة اليورو، إلى جانب بريطانيا والولايات المتحدّة الأمريكية، ومن المتوقع لها أن تظهر انكماشاً شديداً في كل من قطاع الصناعات التحويلية وقطاع الخدمات، إلى جانب انتظارنا لبيانات طلبات الإعانة الأسبوعية، والتي من المحتمل لها أن تظهر أسوأ قيم لها في القرن الـ 21، ولا شك أن هذه البيانات ربما تكون مجرّد البداية في البيانات السيّئة بالنسبة للولايات المتحدّة، لكن سيأتي لاحقاً خلال الأسابيع المقبلة والأشهر المقبلة المزيد من البيانات الاقتصادية الرهيبة في حال استمر انتشار الفيروس.

نشاط كبير للفيدرالي والحكومة لتقديم الحوافز للاقتصاد الأمريكي

اتخذ الفيدرالي الأمريكي خطوات متسارعة لخفض الفائدة، حيث قام بخفضها بمقدار 150 نقطة أساس كاملة على مدى قرارين مفاجئين، حيث دفع الفيدرالي أسعار الفائدة إلى مستوى 0.0% - 0.25%، وهي أدنى قيم تاريخية مشابهة لنسب الفائدة خلال الأزمة المالية العالمية 2008. ومن المنتظر التصويت على حزمة تحفيز حكومية تبلغ 1.3 ترليون دولار أمريكي، من أجل المساهمة في دعم الاقتصاد الأمريكي الذي يتهاوى أمام انتشار فيروس كورونا.

وشهد الدولار الأمريكي ارتفاعاً كبيراً مع إقبال المتداولين حول العالم عليه شراءً، ورغم خفض الفائدة في الفيدرالي وسياساته المالية التحفيزية، إلا أن الدولار استطاع الارتفاع. وشمل طلب الدولار طلباً جاء من الدول الناشئة التي توجّهت لشراء الدولار لتعزيز الاحتياطيات النقدية لديها، وأهمها الدول التي تقوّم النقد ليها في احتياطي الدولار الأمريكي.

البيانات الاقتصادية المنتظرة من أميركا هذا الأسبوع قد تظهر تدهور الاقتصاد

من المحتمل جداً أن تبدأ تأثيرات فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد بالظهور على البيانات الاقتصادية الأمريكية، حيث أننا بانتظار بيانات من قطاع الصناعات التحويلية وقطاع الخدمات، إلى جانب بيانات أوامر السلع المعمّرة وأيضاً بيانات طلبات الإعانة الأسبوعية، وكلها قد تظهر لنا تدهوراً كبيراً في الاقتصاد الأمريكي، وربما تكون بيانات الإعانة الأسبوعية الأسوأ على الاطلاق، حتى أنها قد تكون أسوأ من بيانات شهر أكتوبر عام 1982 عندما شهدنا ارتفاع في طلبات الإعانة حينها إلى 695 ألف طلب.

لا يجب أن نهمل أيضاً بيانات مؤشر PCE الذي سيصدر لاحقاً هذا الأسبوع، حيث أن هذا المؤشر هو المستخدم للفيدرالي لتقدير التضخم، ومن المتوقّع أن يبقى ثابتاً عند 1.7%، لكن في نفس الوقت، لا يبدو بأن الفيدرالي حالياً يعير المؤشّر أي اهتمام عندما يسنّ سياساته المالية والنقدية، لأن انتشار فيروس كورونا خطير جداً على الاقتصاد الأمريكي، ويستدعي تدخلات كبيرة من الفيدرالي.

بريطانيا لم تأخذ فيروس كورونا على محمل الجد حتى ضرب الفيروس ضربته القاضية

على الرغم من الانتقادات التي تلقّتها الحكومة البريطانية في مواجهتها لفيروس كورونا وتأخّر اتخاذ إجراءات صارمة لمنع انتشاره، إلا أن الحكومة البريطانية على ما يبدو قد تأخّرت بالفعل، مع وصول عدد الإصابات لأكثر من 5000 إصابة وأكثر من 230 وفاة حتى لحظة كتابة هذا التقرير. ومع انتشار الفيروس، أعلنت الحكومة البريطانية عن خطط تحفيز إلى جانب تدخّل مباشر من البنك البريطاني المركزي الذي خفض الفائدة بقرارات مفاجئة، مرّة بمقدار 50 نقطة أساس، تبعها بـ 15 نقطة أساس لتصل الفائدة في بنك بريطانيا إلى 0.1%. كما زاد بنك بريطانيا المركزي برنامج شراء السندات بمقدار 200 مليار جنيه إسترليني، ليصل البرنامج إلى 645 مليار جنيه.

وسننتظر هذا الأسبوع اجتماع البنك البريطاني مرّة أخرى، لنرى كيف سوف يتصرّف وكيف سيعدّل من أدواته في ظل تفاقم أزمة كورونا في بريطانيا.

وشهد الجنيه الإسترليني بيوعاً حادة الأسبوع الماضي، وشهدنا تقلّباً غير معهود خلال تداولات يوم الجمعة الماضي، وربما نشهد استمراراً في التذبذب للجنيه الإسترليني خلال هذا الأسبوع.

على الصعيد الاقتصادي، سنستقبل هذا الأسبوع بيانات مؤشر مدراء المشتريات، والذي من المحتمل أن يظهر لنا انكماشاً حاداً في قطاع الصناعات التحويلية وقطاع الخدمات، كما أن بيانات التضخم ربما تظهر لنا انخفاضاً في قيمة التضخم الأساسي إلى مستوى 1.5%.

مفاجأة كانت غير مستبعدة من المركزي الأوروبي تقلل خيبة أمر عدم خفض الفائدة

خيّب البنك المركزي الأوروبي آمال المتابعين لاقتصاد منطقة اليورو عندما ثبّت الفائدة المرجعية عند 0.00% وفائدة الإيداع عند -0.5% والإقراض عند 0.25%. لكن بدلاً عن ذلك، قدّم المركزي الأوروبي خطّة كبيرة بزيادة برنامج شراء السندات. وأطلق المركزي الأوروبي على خطّته الجديدة برنامج شراء الطوارئ للأوبئة ، وهذا ما خفف بعض الشيء من خيبة أمل المتداولين. لكن، لا يجب استبعاد مزيد من الإعلانات من المركزي الأوروبي خلال الفترة المقبلة في أي لحظة، في ظل استمرار انتشار فيروس كورونا وضربه بالاقتصاديات الأربع الكبرى في منطقة اليورو، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا إلى جانب إسبانيا.

سننتظر هذا الأسبوع بيانات مؤشر مدراء المشتريات لعدّة دول في منطقة اليورو، تشمل إيطاليا وفرنسا وألمانيا، والتوقعات تبدو سلبية جداً، إذ أنها أوّل البيانات الاقتصادية التي ستصدر وتظهر مدى تضرر الاقتصاد في منطقة اليورو من انتشار جائحة كوفيد-19. وتشير التوقعات لاحتمال أن نرى انكماش كبير في تلك القطاعات في الدول داخل منطقة اليورو.

بالنظر إلى تحرّكات اليورو، فنجده وقد انخفض بشكل كبير مقابل الدولار الأمريكي خلال الفترة الماضية، حيث أنهى موجة الصعود التي حصلت سابقاً وعاد للانزلاق مقابل الدولار مع توجّه العالم لطلب الدولار كملاذ آمن وسيولة نقدية.

بالنسبة للتوقعات المستقبلية لليورو مقابل الدولار الأمريكي، فيبدو بأن أي موجة صاعدة لن تستطيع الاستمرار طويلاً، إلا في حال عادت الظروف الاقتصادية للاستقرار في منطقة اليورو، وهذا الأمر يبدو مستبعداً على المدى القصير.

أسعار الذهب تحاول الارتفاع، لكن الصعود يبدو هشّاً

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة الماضي بعد موجات من النزيف خلال الأسبوع، حيث أن تحرّك البنوك المركزية حول العالم لمواجهة فيروس كورونا المستجد ساهم في جذب بعض الطلب على الذهب. لكن، لا نرى ارتفاعاً كبيراً في طلب الذهب كما هو مفترض أن يكون في أوقات الأزمات، وذلك لأن المتداولون حول العالم ما زالوا في طور القلق من امتلاك أصول ذات أسعار سوقية قد تتغيّر بشدّة، وهنالك زيادة في الطلب على السيولة الدولارية.

من جهة أخرى، قد يكون الذهب في طور التأثير المتأخّر، وأن الطلب الشرائي كملاذ آمن سيعود لاحقاً، لكن لحين حصول ذلك، ربما تشهد الأسعار تذبذباَ حاداً.

النفط يشهد أسوأ أيامه مع انتشار فيروس كورونا

قلّصت العديد من المصافي عمليات التكرير في ظل استمرار انتشار فيروس كورونا الذي خفّض الطلب على مشتقات النفط، وبالتالي انخفض الطلب العالمي على النفط. حيث شهدنا انخفاض حاد في طلب وقود الطائرات والبنزين، بسبب الدمار الهائل الذي سببه الفيروس في قطاعات النقل الجوي والبري والبحري أيضاً.

وساهمت عمليات الاحتواء التي اتخذتها الحكومة في ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا على تقليص توقعات طلب النفط الأوروبي، كما اتخذت المملكة المتحدّة أخيراً إجراءات احتواء تضر في طلب النفط عالمياً. على ما يبدو، 40% من الطلب الأوروبي البالغ 7 مليون برميل يومياً معرّض للخطر في ظل انتشار فيروس كورونا. وظهرت إشارات أكّد بأن الطلب العالمي على النفط انخفض أكثر من 10%، مع العلم بأن الطلب العالمي على النفط يقارب الـ 100 مليون برميل يومياً.

الارتفاعات التي شهدتها أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي كانت محدودة جداً، وساد الضغط الهابط على الأسعار بشكل عام، وهذا من المحتمل أن يستمر لحين ظهور ملامح تؤكد أما انخفاض الإنتاج، أو عودة استقرار الطلب العالمي.

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط