أسبوع لم نشهد له مثيل منذ الأزمة المالية العالمية بـ 2008

أسبوع لم نشهد له مثيل منذ الأزمة المالية العالمية بـ 2008

6 مارس 2020 02:41 م

شهدنا أسبوعاً ليس له مثيل منذ الأزمة المالية العالمية سنة 2008، وفاجأنا الفيدرالي الأمريكي بخفض كبير بأسعار الفائدة، حيث خفّض الفيدرالي الفائدة في البنك الاحتياطي بمقدار 50 نقطة أساس، ليظهر للمتداولين في الأسواق المالية والاقتصاديين حول العالم بأن هنالك أمر مرعب يحصل بالفعل في الاقتصاد العالمي بعدما انتشر فيروس كورونا المستجد في الصين وخارجها.

وبيّنت آخر البيانات الاقتصادية الصادرة من دول عدّة مدى الضرر الذي لحق في اقتصادها بفعل انتشار الفيروس، والذي أجبر الحكومات حول العالم على اتخاذ إجراءات احتواء تسببت في تدهور قطاعات السياحة والسفر والنقل، كما تضررت قطاعات الصناعات التحويلية والخدمات حول العالم. لكن في الولايات المتحدّة، أظهرت بيانات من قطاع الخدمات تسارع كبير غير متوقّع في النمو، إلا أنه قد لا يكون مستداماً في حال استمر انتشار الفيروس شديد العدوى.

وارتفع عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد في العالم منذ أن بدأ إلى أكثر من 100 ألف مصاب، ولا يبدو بأننا أمام موعد قريب لتوقّف الانتشار، مع تفشّي الفيروس في إيران وإيطاليا وكوريا الجنوبية إلى جانب الصين، لتكون بؤراً للانتشار. ووصل الفيروس لأكثر من 90 دولة حول العالم، مع إشارات من الخبراء بأن الوضع الحالي يبشّر بأن يصاب به شخصان من كل ثلاث أشخاص في العالم، في حال لم تتم السيطرة عليه.

وليس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو فقط من خفّض الفائدة، بل سبقه في ذلك البنك الاحتياطي الأسترالي بـ 25 نقطة أساس، وبنك كندا المركزي الذي خفّض الفائدة بـ 50 نقطة أساس. وتتوقّع الأسواق المالية بأن تستمر سلسلة خفض الفائدة في عديد من البنوك المركزية حول العالم، إلى جانب أن بنوكاً قد تستخدم سياسات مالية ونقدية أخرى، مثل سياسات التيسير النقدي لتحفيز الاقتصاد.

وبحسب مجموعة CME، أصبحت التوقعات بأن نرى خفضاً آخر بأسعار الفائدة الفيدرالية، والأغلبية يتوقّعون خفضاً مقداره 50 نقطة أساس، فيما يتوقّع البعض خفضاً بنسبة 25 نقطة أساس، حيث أن انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدّة أمر قد يغيّر العادات الاستهلاكية، مما سيجبر الفيدرالي على اتخاذ إجراءات أخرى لمنع انزلاق الاقتصاد بالركود.

أما بالنسبة للصين، فيبدو بأن الوضع سيء جداً، فقد انكمشت قطاعات التصنيع والخدمات في أسوأ انكماش معروف عبر التاريخ، كما يبدو بأن الاقتصاد في أسوأ أداء له منذ عام 1960، لنرى هنا مقدار الضرر الذي ألحقه الفيروس بثاني أكبر اقتصاد في العالم والذي يشكّل أكثر من 16% من حجم الاقتصاد الدولي. ومن المتوقّع أن يشهد الاقتصاد الصيني تدهوراً أكثر، مع عدم ظهور بوادر تشير لاحتواء تام بالفيروس في وقت قريب، وبذلك سيتضرر الاقتصاد العالمي كلّه.

وانخفضت مؤشرات الأسهم وأسواق العائد المرتفع حول العالم إثر توقّع تأثيرات مباشرة سلبية من التباطؤ الاقتصادي العالمي على الشركات. كما انخفضت عوائد السندات لمستويات قياسية متدنيّة كإشارة إلى طلب كبير على الملاذ الآمن. واستطاعت أسعار الذهب تحقيق أفضل أسبوع لها منذ 8 أعوام، لتصعد لأعلى مستويات لها منذ أكثر من 7 سنوات. أما الدولار الأمريكي، فقد انخفض بشكل ملموس وسريع بعد خفض الفيدرالي للفوائد، واستمر بالانخفاض مع تزايد توقّعات مزيد من الخفض خلال الفترة المقبلة.

بالنسبة لأسعار النفط، فقد انزلقت مع نهاية تداولات هذا الأسبوع، بعدما رفضت روسيا اتفاق منظّمة أوبك بأن يتم خفض الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يومياً، ووافقت فقط على تمديد فترة الخفض الحالية والتي تبلغ 2.1 مليون برميل. وعندما رفضت روسيا تعميق خفض الإنتاج، انزلقت أسعار النفط الأمريكي الخفيف لأدنى مستوياتها منذ ديسمبر عام 2018، حيث أن الطلب العالمي على النفط في تناقص بسبب إجراءات الحكومات حول العالم في محاولة احتواء فيروس كورونا، والي أضرّت في قطاع النقل وأضرّت بطلب النفط عالمياً.

ورغم أن البيانات الاقتصادية التي تصدر من الولايات المتحدّة ما زالت تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي مستمرّ في نموّه القياسي لعامه الـ 11 على التوالي، إلا أن متابعتنا للبيانات الاقتصادية يجب أن تزداد خلال الفترة المقبلة، إذ أن تأثيرات التباطؤ الاقتصادي في الصين والعالم سيبدأ تأثيرها بالظهور على الاقتصاد الأمريكي في بيانات الشهر الجاري مارس القادمة، وكذلك بيانات شهر أبريل، والتي ستظهر بشكل شبه مؤكّد بأننا أمام انحدار اقتصادي عالمي، يشمل الاقتصاديات العظمى والكبرى والناشئة حول العالم.

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط