كيف ستتحرّك الأسواق المالية هذا الأسبوع؟

كيف ستتحرّك الأسواق المالية هذا الأسبوع؟

23 فبراير 2020 11:02 ص

لقد شهدنا أسبوعاً مليئاً بالأحداث الاقتصادية ومستجدات في نظرة العالم لفيروس كرونا، لكن هذا الأسبوع ربما لن يكون أقل أهمية من الأسبوع الماضي، مع انتظارنا لعديد من البيانات الاقتصادية التي ستظهر لنا توجّهات الاقتصاديات العظمى في خضم أزمة صحيّة عالمية تهدد الاقتصاد العالمي، وهي أزمة تفشّي فيروس كرونا.

ومع أزمة فيروس كرونا، لاحظنا توتّرات سياسية أوروبية وبريطانية وكذلك أمريكية، كلها كانت دافعاً لتغيّر في اتجاهات أسواق الأسهم والمعادن الثمينة. وفشلت دول الاتحاد الأوروبي في التوصّل لاتفاق على الميزانية طويلة الأمد للاتحاد، في ظل معارضة شديدة من دول تتصف أنها من الدول المقلّصة للإنفاق الحكومي. ودعت أنجيلا ميركل دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 للاجتماع لمحاولة حل الخلافات يوم الجمعة الماضي، إلا أن الاجتماع فشل بعد رفض عديد من الدول الاتفاق. وكان لخروج بريطانيا تأثير كبير بلغ مقداره 75 مليار يورو على الميزانية، ورفضت الدنمارك والنمسا والسويد وهولندا وغيرها أن تضع موازنة تزيد عن 1% من الدخل القومي الإجمالي المشترك للاتحاد الأوروبي.

وبالنسبة لخروج بريطانيا، فها قد ظهر أوّل تأثير له من ناحية ميزانية الاتحاد الأوروبي، لكن لا تقف المشكلة هنا، بل أن الناتج القومي الإجمالي للاتحاد الأوروبي سيتأثّر بشدّة، ولا يجب إهمال صعوبة المفاوضات التجارية والسياسية بين بريطانيا والاتحاد، مع مراعاة تكاليف باهظة الثمن لتغيّر مناخ الأعمال البريطاني بالنسبة للاتحاد الأوروبي، إلى جانب تغيّر قوانين الهجرة والعمل في بريطانيا.

وامتزجت مشكلة الميزانية للاتحاد الأوروبي مع مخاطر فيروس كرونا الذي ضرب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو الاقتصاد الصيني، مهدداً أيضاً العالم في حال انتشر ليتسبب في أزمة اقتصادية وصحيّة كبيرة. وقالت مديرة صندوق النقد الدولي بأن فيروس كرونا ربما سيقلّص النمو الاقتصادي العالمي بمقدار 0.1 نقطة مئوية، وقد ينخفض النمو الاقتصادي الصيني إلى 5.6% هذه السنة. لكن، هنالك نظرة تشاؤمية أكبر تؤكد بأن الاقتصاد الصيني ربما سيعاني تباطؤ أكبر من ذلك بكثير، وربما ينخفض النمو في الناتج المحلي إلى 4.5% في حال استمر انتشار فيروس كرونا خلال الأشهر المقبلة.

ويبدو أن بنك الشعب الصيني سيستمر بخفض الفوائد لمواجهة تأثير فيروس كرونا على الاقتصاد، بعدما قام بخفض فائدة القروض لسنة بمقدار 10 نقاط أساس، وخفض فائدة قروض أمد خمس سنوات بمقدار 5 نقاط أساس.

ورغم التصريحات التي تصدر من الصين وغيرها عن أن تأثير فيروس كرونا سيكون محدوداً، إلا أن كل تلك التوقعات تتبنّى فكرة أن يتم السيطرة على الانتشار خلال فترة وجيزة، لكن اذا استمر الانتشار، فربما ستتدهور التوقعات أكثر بالنسبة للاقتصاد العالمي كله.

في أغلب دول العالم من الدول العظمى السبع، شهدنا تباطؤ ملموس في قطاعات الصناعة والتصنيع والخدمات، بل وأن بعضها شهدت انكماشاً، وهذا يدل أننا امام حقبة زمنية جديدة في الاقتصاد العالمي، ولا يجب أن نأخذ توقعات صندوق النقد بأن يحقق الاقتصاد العالمي نمواً تبلغ نسبته 3.3% بأنها حقيقة ما لم يتوقّف بالفعل انتشار فيروس كرونا، وعادت الظروف الاقتصادية للتعافي من جديد.

أما هذا الأسبوع، سنبدأ يوم الإثنين ببيانات مؤشر مناخ الأعمال الألماني IFO الذي يعتبر مؤشرّاً رائداً يوضّح توقعات الأعمال في ألانيا، كما سننتظر بيانات ثقة المستهلك الأمريكي يوم الثلاثاء، إلى جانب بيانات من قطاع التصنيع الأمريكي بنفس اليوم. وستصدر بيانات من أسواق المنازل الأمريكية يوم الأربعاء، ويوم الحميس، سنتوقّف مع بيانات ثقة الأعمال من نيوزلندا قبل أن نستقبل بيانات أوامر السلع المعمّرة والتقديرات الثانية للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. ويوم الجمعة المقبل ستصدر أحد أهم البيانات التي قد تكون محددة لتوجهات الفيدرالي الأمريكي المستقبلية، حيث ستصدر بيانات مؤشر PCE للتضخم الأمريكي، والذي يستخدمه الفيدرالي لتحديد سياساته المالية والنقدية.

مع كل البيانات التي ستصدر، ستتربّع أنباء انتشار فيروس كرونا وأي مستجدات بخصوصها على قمّة الأنباء ذات الأهمية في الأسواق، إلى جانب أي مستجدات بخصوص الإنتاج النفطي من منظّمة أوبك وحلفاءها. كما سنتوقّف مع أي تطوّر في العلاقات التجارية والسياسية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، فأي أنباء بهذا الخصوص قد تكون ذات تأثير كبير على الأسواق.

وبيانات التضخم والناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع الماضي 2019 الصادرة من دول منطقة اليورو قد تكون أيضاً مؤثرّة على توقعات نمو اقتصاد المنطقة خلال هذه السنة.

أسعار الذهب، هل ستستمر بالارتفاع؟

وارتفعت أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي بنسبة فاقت الـ 3.7% على مدى الأسبوع، واستمر الارتفاع لأربع جالسات متتالية دون توقّف، مع زيادة القلق من مستقبل الاقتصاد العالمي بعد نفشّي فيروس كرونا. لكن، مع إعلان الهند عن اكتشاف احتياطيات جديدة من الذهب تتجاوز الـ 3 آلاف طن، لا يجب استبعاد بعض التذبذب. لكن، لو استمر القلق في الأسواق المالية، ربما تشهد أسعار الذهب مزيداً من الارتفاع، لكن دون استثناء عمليات جني أرباح بين الحين والآخر. ثبات أسعار الذهب فوق الحاجز النفسي 1600.00 دولار ربما سيسمح للأسعار بأن تحاول الاقتراب من 1700 دولار للأونصة، إلا أن كسر سعر 1580.00 ربما سيظهر تحوّل في الاتجاهات. لكن عموماً، نجد بأن الكميات الجديدة التي اكتشفتها الهند ما زالت لم تدخل في حسابات المعروض في الأسواق. وبالتالي، في حال استمرت حالة القلق في الأسواق المالية، ربما ستشهد أسعار الذهب مزيداً من الارتفاع.

هل سينخفض النفط بعد عدم انعقاد اجتماعات طارئة لأوبك وحلفاءها

ارتفعت أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي، لكنها توقّفت عن الارتفاع يوم الخميس وانخفضت يوم الجمعة. وارتفعت الأسعار مع انخفاض القلق من تأثير فيروس كرونا على الاقتصاد العالمي، إلا أن المتداولين خاب ظنّهم بعد عدم انعقاد اجتماعات جديدة طارئة لأوبك وحلفاءها من أجل اتخاذ إجراءات لمعادلة المعروض مقابل الانخفاض في المطلوب. وارتفعت أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي بحوالي 2.19%، لكن بعد انخفاض حصل تداولات يوم الجمعة الماضي والذي بلغت نسبته 0.7% تقريباً. وهذا الأسبوع، في حال بقي القلق من تأثير فيروس كرونا على الاقتصاد العالمي، فربما نشهد مزيداً من الانخفاض بأسعار النفط، إلا في حال ظهرت حقائق تثبت بأن أوبك+ ستتخذ إجراءات للحد من الفائض المحتمل.

الأسهم الأمريكية مهددة بالانخفاض ما لم يتوقّف انتشار كرورنا

تظهر آخر الحقائق (بحسب بيانات يوم الأحد 23-02-2020) انخفاض كبير في عدد الحالات القائمة والمصابة بفيروس كرونا (حالات تستثني التي تم شفاؤها أو المتوفّين) إلى 53 ألف حالة تقريباً، بانخفاض من مستويات فاقت 58 ألف بداية الأسبوع الماضي. لكن رغم ذلك، يستمر فيروس كرونا بالانتشار، ووصل عدد الحالات الإجمالية من الإصابات منذ بداية الوباء لقرابة 79 ألف حالة.

ووصول فيروس كرونا إلى دول مثل إيران ولبنان ومصر، وتزايد العدد في اليابان وكوربا الشمالية، وأيضاً سنغافورة، كلها أسباب قد تثقل على الثقة في الأسواق وتسبب ضغوطاً على مؤشرات الأسهم الأمريكية.

السبب الرئيسي وراء تأثّر أسواق الأسهم في فيروس كرونا هو أن الفيروس ربما يقلّص الطلب على المنتجات لعديد من الشركات. وصرّحت شركة آبل الأسبوع الماضي بأن فيروس كرونا ربما سيسبب انخفاض الإيرادات لتصل إلى 63 أو 67 مليار، كما شهدنا تصريحات من شركة كوكا كولا وغيرها كلها كانت تظهر قلقاً في عائدات هذه السنة 2020 بفعل تضرر ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

لذلك، في حال بقي التشاؤم من انتشار فيروس كرونا وظهرت بيانات اقتصادية تؤكد بأن اقتصاديات الدول العظمى السبع بدأت بالتراجع، فربما يستمر التراجع في مؤشرات الأسهم الأمريكية، بل وفي أغلب مؤشرات الأسهم الرئيسية حول العالم.

الدولار الأمريكي بعد ملامسة مؤشره مستويات قريبة من الـ 100 نقطة

ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي الأسبوع الماضي، ليصل مستويات حول 99.90 نقطة، وبعدها انخفض بشكل ملموس يوم الجمعة الماضي، مقلّصاً مكاسبه. ويبدو ان المضاربين توجّهوا لجني الأرباح بعد الاقتراب من الحاجز النفسي.

ورغم عدم استبعاد حصول تصحيحات هابطة في الدولار الأمريكي مع عمليات جني أرباح، إلا أن المدى الأبعد يظهر بأن الفيدرالي الأمريكي ربما سيحافظ على سياساته المالية والنقدية خلال الأشهر القليلة المقبلة، فيما ستتوجّه عديد من البنوك المركزية الأخرى لخفض الفائدة، مما قد يبقي على الاتجاه الصاعد الإجمالي للدولار.

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط